فلسطين في الذاكرة من نحن تاريخ شفوي نهب فلسطين English
القائمة الصراع للمبتدئين دليل العودة صور  خرائط 
فلسطين في الذاكرة سجل تبرع أفلام نهب فلسطين إبحث  بيت كل الفلسطينيين على الإنترنت English
من نحن الصراع للمبتدئين    صور     خرائط  دليل حق العودة تاريخ شفوي نظرة القمر الصناعي أعضاء الموقع إتصل بنا

يبنا: نبذه عن يبنا - عـبدالله ابو عــزة

مشاركة Abdullah Azzeh في تاريخ 29 نيسان، 2014

صورة لقرية يبنا - فلسطين: : أنقاض البرج الأثري القديم عندما كانت القرية ميناء مهم في العهد الروماني أنقر الصورة للمزيد من المعلومات عن البلدة
يبنا بلدة قديمــة من قرى فلسطين، موقعها في السهل الساحلي الأوسط ،إلى الغرب المائل جنوبا من مدينة الرملة. ويبنا أقدم من الرملة بقرون طويلة قد تصل إلى آلاف السنين ، وقد ذكرها الرحالة المقدسي المتوفى سنة 375 هجرية في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة ألأقاليم بعبارات قصيرة ؛ كما ذكرها ياقوت الحموي ( ت 620 هـ ) ، في كتابه معجم البلدان، وقد دقق الحموي في كتابة اسمها فقال إنه بصيغة المبني للمجهول من فعل "البناء"؛ وتختلف كتابة الإسم في ثلاث صور: يبنا ، يبنى ، يبنه.
والبحر المتوسط في اتجاه الغرب من يبنا على بعد 4 -5 كيلو متر تقريبا؛ وإلى الجنوب من يبنا تقع بلدة اسدود التي حولها الإسرائيليون إلى مدينة كبيرة وبنوا لها ميناء بحريا رئيسيا. ؛ وفي اتجاه الجنوب أيضا مع ميل إلى الغرب توجد بلدة أبو سويرح ، على بعد 10 كيلومتر تقريبا. أما إلى الشمال فتوجد قرية القبيبة، وبعد القبيبة شمالا كانت وادي حنين ، وبعدها في اتجاه الشمال عيون قارة ، وهي نفسها مستعمرة ريشون لتسيون باسمها العبري. وإلى الجنوب الشرقي من يبنا كانت قرية بشيت، ولا تبعد عنها بلدة قطرة. أما في الاتجاه الشرقي فكانت قرية المغار ؛ وبعدها شرقا قرية عاقر. وإلى الجنوب الشرقي أيضا قرب بشيت من جانبها الغربي تقع مستعمرة غان يبنا على بعد 7 كيلو مترات من يبنا تقريبا. أما المسافة بين يافا ويبنا فتقدر بحوالي 24 كم. في اتجاه الشمال الغربي. وبالنسبة لخطوط الطول والعرض تقع يبنا إلى الشرق قليلا من خط الطول 34 ، وجنوب خط العرض 32 ، وهذا تحديد غير دقيق ، بالنسبة لخطوط الطول والعرض ، لكنه لا يخلو من فائدة إضافية.
ويحيط بيبنا من الجهات الأربع، بشكل دائري أراض سهلية مستوية، كانت تزرع بالقمح وغيره من الحبوب فتشكل بساطا أخضر واسعا على مد البصر قبل موسم الحصاد ، وتطورت الأحوال الزراعية على أثر الاحتلال البريطاني عند نهاية الحرب العالمية الأولى، حيث شجعت بريطانيا زراعة البرتقال على نطاق واسع ليصبح سلعة تصدر إلى بريطانيا ودول أوروبية أخرى ، وتفيد الاقتصاد الفلسطيني ، وتخفف العبء الاقتصادي عن حكومة الانتداب البريطانية. وساحل البحر المتوسط الشرقي هو الموطن الاصلي لزراعة البرتقال، ولذا فإن ثماره هي الأجود والأطيب ، على مستوى العالم. وبالتحول إلى زراعة البرتقال على حساب القمح والحبوب الأخرى تحول البساط الأخضر الذي كان يحيط بيبنا من كل جهاتها من خضرة حقول القمح والحبوب في الشتاء والربيع إلى خضرة دائمة لأشجار البرتقال والحمضيات، غير أن هذا التطور لم يستمر طويلا ولم يتسع لمسافات بعيدة ، إذ اندلعــت الحرب العالمية الثانية بمشاركة بريطانيا، وتوقف تصدير البرتقال ، وذلك بجانب ظروف ثورة الشعب الفلسطيني ( 1936-39 ). وكان القادم إلى يبنا من أي اتجاه يشاهد عن بعد البلدة سامقة شامخة بإطلالتها على ذالك البساط الأخضر المحيط بها إحاطة السوار بالمعصم ، وبنخلتيها السامقتين اللتين تنفرد أحداهما بتدلي الجريد بسعفه الخضراء بينما كانت النخلة الأخرى بغير جريد بسبب عاصفة قصفت رأسها. وقد ألهمني ذلك المشهد عندما استعدته في خيالي أثناء حديثي في لقاء تلفزيوني بأن أطللق على موطني الأول : يبنا ، لقب عروس الساحل ، كما لو كانت النخلة ذات الجريد عروسا بجانب قرينها.
وهذا المرتفع الأرضي الذي تقوم عليه يبنا ليس مرتفعا طبيعيا جيولوجيا، وإنما هو مرتفع تاريخي تراكمت مادته المكونة من الطين والرماد عبر القرون ؛ ومع تزايد مباني القرية امتدت الدور والشوارع لتغطي جزءا من الأرض المنبسطة عند أقدام الجبل الصغير ، أو التل. ومثل هذه المواقع مألوفة لخبراء الآثار في منطقة الساحل الشرقي للبحر المتوسط، والمناطق السهلية الأخرى حيث يتكررسقوط الأمطار والفيضانات في مواسمها السنوية؛ وعندما تكون الأمطار غزيرة تحدث الفيضانات وتسقط بعض البيوت القديمة المبنية بالطيين المخلوط بقليل من قش القمح المهروس لإكسابه قدرا من التماسك. وفي تلك الحالات لم يكن الردم الطيني يرفع ويستبعد، بل يسوى بالأرض، ويبنى فوقه المنزل الجديد. وبفعل تكرار هذه العملية مع كر السنين وتتابع القرون، وبفعل الحرائق المتكررة كذلك ، كانت تنشأ هذه الجبال الصغيرة غير الطبيعية وغير الجيولوجية، تنمو بحجمها فترتفع البلدات القائمة على قمتها جيلا بعد جيل. وعندما كنت أمشي في شوارع يبنا المنحدرة وأنا صغير، في فصل الشتاء خاصة، كنت أشاهد قنوات حفرتها السيول فأرى الرماد القديم وقطع الفخار المكسرة قديما فلا أفكر في سبب وجودها ولا أفهمه. ولكنني عندما كبرت وتعلمت ودرست التاريخ والآثار فهمت ما لم أكن أفهمه صغيرا.
وكان من المعالم الرئيسية في حياة يبنا سوق أسبوعي يقام يوم الثلاثاء ، تعرض فيه المنتجات الزراعية للبلدة ، كما تعرض فيه بضائع مختلفة يجلبها تجار صغار يأتون بها أو ببعضها من المجدل وغزة والرملة وغيرها، وهي بضائع بسيطة تلبي الاحتياجات التقليدية لسكان يبنا والقرى المجاورة ، مثل الأقمشة والأوعية المعدنية أو الفخارية وبعض الحلوى وألعاب الأطفال وما شابه ذلك من الأصناف. بجانب الحيوانات المستأنسة التي استخدمها الناس لأكل لحمها أو لعملها في الزراعة والنقل. وبعض هذه الحيوانات المجلوبة كان يأتي من نجد والحجاز، مثل الجمال وقطعان الخراف النجدي. ولا يفوتني أن أذكر هنا نوعا من البضاعة الثقافية الشعبية، يأتي بائعها ، مجسدة في صندوق خشبي ، بارتفاع 80 سنتيمترا (على أرجل خشبية)، وفي واجهته فتحات يضع المتفرج وجهه فيها ، ليرى مشاهد مرسومة على ورقة كبيرة تلف حول محور دوار ، عصا خشبية، وعلى الورق رسوم بسيطة بألوان قوية، تعرض صورا لشخصيات من الأدب الشعبي، عنتر بن شداد، وعبلة، أبو زيد الهلالي، ودياب بن غانم، وغير ذلك من الفولكلور، ويحرك صاحب الصندوق العصا بأصابعه في الاتجاهين فتنفرد لوحة الصور أو تطوى، ويرتفع صوت الرجل: "يلا تفرج يا سلام على عجايب الزمان". ويسمى هذ الصندوق بـ "صندوق العجب" ؛ وعلى سبيل التفكه والفكاهة في الحديث داخل بيتنا نطلق هذا الإسم على التلفاز أحيانا: "افتحوا لنا صندوق العجب."
أما مكان السوق فكان على حافة الطرف الغربي للبلدة، ملاصق للطريق الرئيسي المسفلت القادم من أقصى الجنوب ، من سيناء المصرية. وفي الجانب الآخر من هذ الشارع الرئيسي وبعض الشوارع المـتفرعة منه كانت تتناثر بعض الدكاكين والمحلات الخدمية : حيث تباع لحوم الذبائح الطازجة من الأغنام والابقاروالجمال، وبعض محلات الخياطة ، والبقالة، ومحل لإصلاح الدراجات ، وأمثـال ذلك ؛ وكان هناك صانع أحذية حسب الطلب، سوري جاء من يبرود.
وكان من المعالم الرئيسية ليبنا أيضا أربعة مقاه يقصدها الرجال في غير أوقات العمل، والجاذب الأهم فيها هو المذياع، الراديو حيث يستمع الناس إلى الأخبار، والغناء. وكان الراديو في تلك الأيام جهازا كبير الحجم بغلافه الخشبي، وبطاريته الكبيرة. لم يكن ( الترانزستر) قد عرف ، ولم تكن في يبنا كهرباء. وفي المقهى يحتسي الرواد الشاي والقهوة. وفي بعض الفترات كان صاحب المقهى يجلب أحد شعراء الربابة، من مصر في الغالب، كنوع من االتجديد، والترويج لجذب الرواد.
وكانت في البلدة مدرستان ابتدائيتان إحداهما للبنين والأخرى للبنات ، ومسجد واحد يقع في أعلى البلدة، ويبنا كان من أبنائها أربعة من العلماء من خريجي الأزهر ، عمل ثلاثة منهم مدرسين في مدرسة البنين ، أما الرابع فصار رئيسا للبلدية عند إنشائها في السنة الأخيرة قبل الهجرة، وفيها جلبت الأنابيب الضخمة وحفرت لها بعض الخنادق تمهيدا لبناء نظام للصرف الصحي، غير أن الاحداث التالية قضت على كل الآمال.
وسقطت يبنا بأيدي قوات الهجاناه الصهيونية في الرابع من حزيران 1948م.
عـبدالله ابو عــزة
www.abdullahabuizza.com



إذا كنت مؤلف هذه  مقال وأردت تحديث المعلومات، انقر على ازر التالي:

ملاحظة

مضمون المقالات، المقابلات، أو الافلام يعبر عن الرأي الشخصي لمؤلفها وفلسطين في الذاكرة غير مسؤولة عن هذه الآراء. بقدر الامكان تحاول فلسطين في الذاكرة التدقيق في صحة المعلومات ولكن لا تضمن صحتها.

 

شارك بتعليقك

 
American Indian Freedom Dance With a Palestinian


الجديد في الموقع