في فجر يوم الخامس عشر من مايو1948 وهو اليوم الذي أنهت فيه بريطانيا احتلالها لأرض فلسطين اندفعت الجيوش العربية تتسابق في الدخول إلى فلسطين.
وكانت الخطة أن يطوقوا تل أبيب بعد أيام قليلة ناسين أو متناسين ما تتطلبه تحركات الجيوش من تخطيط وإعداد وحماية وتأمين لطرق المواصلات.
اندفعت القوات المصرية شمالاً على الطريق الساحلي لفلسطين إلى إشدود مقتربة من تل أبيب ثم اتجهت شرقاً واحتلت خط المجدل– الفالوجا-عراق المنشية –بيت جرين-الخليل لتفصل الشمال حيث يتمركز اليهود عن جنوبالنقب حيث توجد المستعمرات اليهودية تحاصرها القوات المصرية.
وبعد الهدنة استغل اليهود نقطة ضعف خطوط المواصلات الجيش المصري وهي التي ظلت دون حماية ولا حراسة فقاموا بتقطيعها فارتبكت القوات الأمامية وانزعجت واضطرت القيادات إلى تقصير خطوطها وأمرت بانسحاب قواتها لتقصير خطوطها وأمرت بانسحاب قواتها بل وانسحبت بعض القوات دون أوامر ودون خطة مرسومة مما أضعف الروح المعنوية للجيش.
وكانت القوات التي ثبتت في مواقعها دون أن تنسحب هي قوات موقع الفالوجا – التي تقع في الخط الفاصل بين شمال وجنوب إسرائيل مما يدل على أهميتها الاستراتيجية البالغة – بقيادة اللواء سيد طه وكانت تقدر بلواء من المشاة بأسلحتها المساعدة أي بحوالي أربعة آلاف جندي أو بما يعادل ثلث الجيش المصري كله الموجود في أرض فلسطين في ذلك الحين.
تقع قريةالفالوجا إلى الشمال الشرقي من مدينةغزة على بعد 30 كم منها، وهي رقعة كثيرة التلال في السهل الساحلي لفلسطين وعلى مقربة منه يقعوادي الفالوجا، وتعد القرية مركز شبكة طرق اقيمت في موقع كان يعرف بزريق الخندق، وقد بدل اسمها إلى الفالوجة تكريماشهاب الدين الفالوجي الصوفي العراقي الذي جاء إلى فلسطين من العراق في القرن الرابع عشر. وقد زار الرحالة الصوفي "مصطفى البكري الصديقي" مقام الشيخ الفالوجي بعد مروره ببيت جبرين في اواسط القرن الثامن عشر كان في القرية عشيةالنكبة مسجد يضم ثلاث أروقة تعلوها قبب كان في احدها مقام الشيخ الفالوجي ومدرسة للبنين فتحت أبوابها سنة 1919، وأخرى للبنات فتحت أبوابها سنة 1940 ومجلس بلدي وسوق تجارة أسبوعي وعدة آبار للمياه وقد وقعت فيهامعركة الفالوجة عام 1948، والتي شارك فيها الجيش المصري ضد الغزاة الإسرائيليين.
رفض قائد القوات المصرية في الفالوجا اللواء سيد طه، الذى اشتهر باسم "الضبع الأسود" أي فكرة للتسليم. والحقيقة أن صمود القوات المصرية في هذه المنطقة يرجع إلى هذا القائد البطل الذي كان لروحه العالية وموقفه المشرف صدى كبير في رفع معنويات جنوده وصمودهم لمصاعب الحصار وتحملهم لمتاعبه. فقد استمر الحصار لمدة طويلة واضطرت القوات المحاصرة إلى أن تنقص تعيناتها إلى ربع الكمية المقررة بل واستعاضوا عنها "بالدشيشة والبلبلة" يصنعونها من القمح الذي يجدونه في البلدة المحاصرة
وعندما طال الحصار وساءت الأحوال الصحية للجنود وكثر الجرحى لجأت الحكومة المصرية إلى القيادة العامة للجيوش العربية وكان يتولاها الملكعبد اللهملك الأردن تعاونه هيئة مستشارين من جميع الدول العربي فتدخل الفريقجلوب باشاالضابط الإنجليزي وقائد الفيلق العربي الأردني ووضع خطة تنحصر في أن يقوم الجيش الأردني بإشغال قوات اليهود بمناوشتها عند بيت جبرين وفي هذه الأثناء يقوم قائد الفالوجا بتدمير أسلحته الثقيلة ثم ينسحب هو وجنوده الأربعة آلاف متسللاً على الأقدام من طرق سرية وأن يتم هذا كله تحت إشراف ضباط إنجليز بقيادة ميجور "لوكت" وهو من قادة الجيش الأردني.
ووصل الضباط الإنجليز إلى الفالوجا وعرضوا خطتهم على قائدها سيد طه الذي اكتشف على الفور إنها ليست إلا كميناً نصبه جلوب للقوات المصرية المحاصرة حتى يأسرهم اليهود كلقمة سائغة بعد أن عجزوا عن هزيمتهم. فقام بطرد الضباط الإنجليز من معسكره شر طردة وصمم على موقفه السابق وهو الصمود لآخر طلقة وآخر رجل ولكن الموقف كان شديد الخطورة فقد أوشكت جميع التعينات ( الطعام والشراب ) على النفاذ.
طلب سيد طه قائد الفالوجا الإمدادات بعد أن أصبح الموقف حرجاً لنفادها وحاول الجيش المصري إمداد القوات المحاصرة عن طريق الطيران إلا أنه فشل في ذلك بسبب ضيق حلقات الحصار ثم حاول مرة أخرى إمداده عن طريق غزة فلم يتمكن من ذلك بسبب سيطرة اليهود على الطريق وتحكم قواتهم في منافذه.
فاتصلت قيادة الجيش المصري المحاصر في الفالوجا بالمؤن اللازمة ورأت قيادة القوات الخفيفة أن خير من يقوم بهذا العمل هم قوات المتطوعوين.
ونجح المتطوعون في إدخال مئة صندوق من المؤن إلى القوات المحاصرة على 53 جمل ودعاهم قائد القوات المصرية إلى وليمه ذبح خلالها خمسون جمل من جمالهم وترك لهم 3 فقط وأحس اليهود من الوليمة أن هناك شيئاً يحدث داخل معسكر القوات المحاصرة فشن هجوماً هو الأعنف منذ بدء الحصار ولكن شجاعة الجنود وقائدهم الضبع الأسود ردت اليهود على أعقابهم.
بعد عوده الجيش المصرى من حرب 1948 احتفل الشعب جميعا بعودة قواته وتبارت جميع هيئات وطوائف الشعب فى الاحتفال بهم بل إنالملك الفاروقنفسه أقام لهم حفلا كبيراً وسلم عليهم فرداً فرداً وتوجد صورة للملك فاروق يصافح أبناء جيشه ومنهم عبد الناصر وحرصتأم كلثومعلى أن تقيم لهم وليمه ببيتها وأن تحيى حفل لهم بنادى الضباط، وأقامت أم كلثوم حفلا خاصا لمن حوصروا فى الفالوجه فى حديقة فيلتها.
من الناحية الاسرائيلية القصه لها وجه أخر :
سلمت السلطات البريطانية عشية انسحابها في 15 مايو 1948، السكان مركز الشرطة في القرية. وبعيد ذلك التاريخ دخلت القوات المصرية، فلسطين وصدرت الأوامر إلى الكتيبة الأولى لمركز الشرطة الذي كان يتحكم في الطريق بين المجدل وبيت جبرين فضلاً عن تحكمه في الطريق الداخلي نحو النقب فقد حاول الإسرائيليون من دون طال وفي ثماني هجمات منفصلة أن يستولوا على هذا المركز في الأشهر اللاحقة.
عندما أعلن بدء الهدنة الأولى (11 يونيو–10 يوليو)، كانت القرية لا تزال خارج نطاق الاحتلال. وما أن انتهت الهدنة حتى حاولت القوات الإسرائيلية، مجدداً الاستيلاء عليها. إذا صدرت الأوامر إلى وحدات من لواء هنيغف (النقب) بالاستيلاء على مركز الشرطة، بينما أنطيت بوحدات من لواء غفعاتي مهمة احتلال القرية ذاتها. وقد احتلت الكتيبة الرابعة من لواء غفعاتي القرية لفترة قصيرة ليل 8–9 يوليو غير أنها اضطرت إلى إخلائها فوراً لأن وحدات لواء هنيغف أخفقت في احتلال مركز الشرطة، وكان من المستحيل الدفاع عن القرية من دون احتلال ذلك المركز. وبعد ذلك التاريخ بيومين، أوردت صحيفة نيويورك تايمز أن سلاح الجو الإسرائيلي قصف الموقع وغيره من الأهداف في قضاء عزة. في 10 نوفمبر بعد يوم من الهجوم جاء في بلاغ إسرائيلي أن القوات المصرية انسحبت بعد استسلام مركز الشرطة من قرية عراق سودان وقرية بيت عفا المجاورة. واستشهدت صحفية نيويورك تايمز بهذا البلاغ الذي جاء فيه أن الجنود الإسرائيليين احتلوا هاتين القريتين، لكنها لم تذكر هل بقي السكان فيهما أم لا. وقد كتب الجنرال إسحاق ساده وهو مؤسس البلماح وأول قائد من قادته وصفاً شاملاً للهجوم على مركز شرطة عراق سويدان وأشار فيه إلى أن اسم عراق سودان بحد ذاته كان يبعث على الاحترام لدى مقاتلي وحدات الجيش الإسرائيلي. وبعد احتلال القرية ومركز الشرطة، اشتد الخناق على آلاف المدنيين والعسكريين الذين حجزوا داخل جيب الفالوجة حتي إنسحاب احامية المصرية
Post Your Comment
*It should be NOTED that your email address won't be shared, and all communications between members will be routed via the website's mail server.