PalestineRemembered | About Us | Oral History | العربية | |
![]() |
Pictures | Zionist FAQs | Haavara | Maps |
Search |
Camps |
Districts |
Acre |
Baysan |
Beersheba |
Bethlehem |
Gaza |
Haifa |
Hebron |
Jaffa |
Jericho |
Jerusalem |
Jinin |
Nablus |
Nazareth |
Ramallah |
al-Ramla |
Safad |
Tiberias |
Tulkarm |
Donate |
Contact |
Profile |
Videos |
Post Your Comment
*It should be NOTED that your email address won't be shared, and all communications between members will be routed via the website's mail server.
قبيل التّحول إلى لاجئين مغصوبي الأرض، كانت الحاجة فاطمة خلف (85 عامًا) وعائلتها تتحضر لوجبة دسمة في بيتهم في لفتا غربي القدس المحتلة. عن آخر يوم لها في لفتا قبل احتلالها عام 1948 تقول: “والله بكينا مبسوطين في بلدنا، ما كان في أحلى منها، قبل ما نطلع كنا ذابحين أرنب وحاطينه بالطابون وطلعنا وتركنا الأرنب قبل ما يستوي”.
لا بدّ أن تتبع هذه الجملة تنهيدةٌ طويلةٌ بطول سنوات الانتظار، تكمل الحاجة فاطمة: “إحنا فكرنا جمعة وراجعين، سيدي قبل ما نطلع أخذ كل كواشين البيوت والأراضي ودفنهم بسلسلة عند باب الدار وطلعنا”. “أيام ونعود”، هكذا اعتقد معظم أهالي لفتا والقرى الفلسطينية الأخرى الذين تركوا ورائهم أملاكهم وبيوتهم وأرزاقهم وأثاثهم. وعن تجربتها بالذات – التي وقعت في نيسان من العام 1948 – تقول الحاجة فاطمة: “والله يمّا دشّرنا كل اشي وطلعنا والضرب على روسنا، والله ما اخذنا معنا قشرة بصلة”.
بثوبها الفلاحيّ المميز لأهل لفتا استقبلتنا الحاجة فاطمة في بيتها لتروي بعض ملامح قصتها الشّخصية مع نكبة عام 1948. تعيش فاطمة اليوم في البيرة، على بعد كيلومترات قليلة من بلدتها الأصلية، وما زالت رغم تقدم العمر تهتم بالعناية بنباتاتها البيتية.
في نيسان 1948، وبعد أن بدا أن مساحات متزايدة من الأرض تقع بأيدي العصابات الصّهيونية، خرجت الحاجة فاطمة مع طفليها، وطفل ثالث كان لم يزل في بطنها في حينه.
تقول: “طلعنا بالليل والضرب ما بنعرف من وين بيجي”. تكمل الحاجة فاطمة حديثها بشكلٍ متقطع وكأنها تعيد عرض تلك الليلة المخيفة أمام عيونها. خرجت العائلة الصغيرة هذه مع عشرات العائلات التي تفرقت على القرى القريبة من لفتا ومحيطها والبعيدة عن القصف.
في قرية بيت دقو شمال غرب القدس وضعت الحاجة فاطمة وأطفالها رحالها. وصلوها ليلاً بعد مشيٍ طويلٍ بلا زاد ولا ماء ولا أمان. لكن شأنها كشأن بقية اللاجئين، لم تكن هذه نهاية الترحال، فبعد أن طوّقت العصابات الصّهيونية بيت دقو، اضطرت العائلات إلى الرحيل عنها. خرجت فاطمة مجددًا مع أطفالها وشقيق زوجها الصغير إلى قرية أبو غوش.
كأن الحدث يجري اليوم، تشرح لنا الحاجة فاطمة بانفعالٍ شديدٍ كيف مرّوا بعصابة من المستوطنين المتجهين إلى قرية بيت دقو، فاختبأوا بحذرٍ وراء الأشجار وانتظروا حتى زال الخطر ومن ثمّ أكملوا وجهتهم. تقول فاطمة: “والله يما كانوا رح يقتلونا لو شافونا، بس ما كان معنا غير الله كنت لحالي مع هالصغار”. وصلت فاطمة إلى أبو غوش والتقت بزوجها الذي فرقتهما من قبل طرق التهجير.
مرة أخرى، كان على العائلة اللفتاوية الصّغيرة أن تسلك طريق التهجير. في الثامن من نيسان 1948، وبعد أن انتشر خبر إصابة القائد عبد القادر الحسيني، ومن ثم استشهاده لاحقًا، أحس الفلسطينيون أن الأمل بالدفاع عن الأرض بدأ بالانحسار، وأن واقعًا مريرًا في طريقه إليهم.
“حكيت لزوجي والله ما أنا كاعد يلا نروح من هان”، تكمل بحسرةٍ الحاجة فاطمة كلامها، وتترّحم بين كل جملةٍ وأخرى على الحسيني ومن رافقه من المقاتلين والثوار. وهكذا خرجت الحاجة فاطمة هذه المرة إلى رام الله، مشيًا على الأقدام، برفقة صغارٍ قد بلغ الجوع والتعب منهم ما بلغ. من ذلك الحين تعيش الحاجة فاطمة لاجئة في البيرة.
“هاي دار أبوي”
لم يتخل الفلسطينيون عن بيوتهم بسهولة كما يدعى المشروع الصّهيوني. كان اللاجئون يحاولون في كثير من القرى العودة إلى بيوتهم بعد أن هدأت الحرب، يطمئنوا عليها ويتفقدون أحوالها. الحاجة فاطمة كانت من بين هؤلاء. بعد أشهر قليلة وقبل أن ترتسم الحدود بين ما أصبح يعرف بدولة “إسرائيل”، وبين الضّفة الغربية تحت حكم الأردن، رجعت الحاجة فاطمة إلى بلدتها.
وجدت يومها الحاجة فاطمة مستوطنين من يهود العراق قد استوطنوا في بعض بيوت البلدة، أما في بيت عائلتها فقد استقبلتها أم ضابط صهيوني بالصراخ، وشدّتها من ملابسها، تقول: “والله مسكتني وتشد فيّ تقلي إنت شو جاي تسوي هان، قلتلها هاي دار أبوي”.
أما الحسرة الكبرى فكانت عندما وجدت الحاجة فاطمة ضابطًا صهيونيًا وزوجته قد استوطنا مكانها وبيتها الدافىء، المكان الذي كان يفترض أن تلد فيه طفلها الثالث، وتبني فيه أسرتها وتفرح بأولادها وبناتها.
الأيام الخوالي
تصمت الحاجة فاطمة طويلاً، من ثمّ تبتسم فجأة بعفوية، “والله أيام العزّ بالبلد كنا أنا ونسوان لفتا نطلع نقعد ع سفح الجبل، ونروح نعمل سلطة ونقعد نخيّط ونحكي وننبسط مع بعض، آخ يمّا ما أحلى هالأيام شو أقول”.
وعن معالم لفتا، تذكر الحاجة فاطمة عين الماء الشهيرة التي تتوسطها، والتي يستحم فيها المستوطنون اليوم عشية دخول يوم السبت. تقول الحاجة فاطمة: “كنّا نروح نعبّي مي من عين لفتا ونمشي طريق طويلة وكلها طلوع، بس كانت أيام حلوة، لو يقولوا ارجعوا على لفتا هلكيت والله برجع لحالي ما بستنى حدا ياخذني”.
قبل أن نوّدعها، مسكت الحاجة فاطمة بمفتاح بيتها ومفتاح مطبخها، بالإضافة إلى شهادة ملكية لبيت والدها، وتقول: “هذا مفتاح بيتي، وإن شاء الله رح نرجع، والله بشتاقلها قد ما الله يعلم، يوم هناك يمّا بسوى العمر كله هان”.
وتبلغ مساحة بلدة لفتا المقدسية التي تتحسر الحاجة فاطمة على أيامها وتشتاق لها ما يقارب 12 ألف دونمًا، وتمتد أراضيها لتصل باب العامود والساهرة، وتحدّها شعفاط ودير ياسين وقالونيا وبيت إكسا.
المصدر: موقع قدسكم.