PalestineRemembered | About Us | Oral History | العربية | |
![]() |
Pictures | Zionist FAQs | Haavara | Maps |
Search |
Camps |
Districts |
Acre |
Baysan |
Beersheba |
Bethlehem |
Gaza |
Haifa |
Hebron |
Jaffa |
Jericho |
Jerusalem |
Jinin |
Nablus |
Nazareth |
Ramallah |
al-Ramla |
Safad |
Tiberias |
Tulkarm |
Donate |
Contact |
Profile |
Videos |
Post Your Comment
*It should be NOTED that your email address won't be shared, and all communications between members will be routed via the website's mail server.
محمد بلال
جميعنا يعرف يا أبي لماذا آثرتَ هذا الموت الصامت المعطّر برائحة الليمون , المشذّى بعبق الأرض , الموشّح بلون التراب , الناضح بالحبّ كلّ الحبّ لمفردات العطاء و الانتماء؟
و جمعنا يعلم أيضاً ماذا كانت تمثّل لك تلك الشجيرة ؟ و أنت الفلاّح العاشق لأشجار الصفصاف و الزيتون و الليمون , المتعلّق أبداً شتلات البندورة و الباذنجان و غيرها من عناوين الخصب التي شكلّت محور حياتك.
و كلنا يعلم يا أبي أنّ الصهاينة إنْ كانوا نجحوا في إبعاد جسدك عن أرضك , لكنّهم أبداً لم ينجحوا في اقتلاع جذورها من قلبك أو انتزاع قلبك من جذورها, فكانت تلك الحاكورة الحبل السريّ الذي يعني استمرار تماهيك بأرض الوطن, و الذي يربط ذاكرتك بأرضك التي كنتَ تحسّ بها و قد باتت تشعر بالغربة و أنت بعيد عنها,
أو ربّما هي عنوان ارتباطك بفردوسك المفقود , فعاملتها برفق و حنان , و كثيراً ما سقيتها بدفء قلبك النّابض بالحبّ , المتوهّج بالعطف, النّاضح بالعطاء .
لذلك يا أبي كنتَ تبتسم عندما كنّا نصف و من باب الدعابة تلك الحاكورة بأختنا الكبرى , فكانت حقّاً كواحدة من أولادك و بناتك , تحظى بحنانك اللا متناهي كما نحظى نحن أبناءك.
نعم يا أبي علّمتنا في حياتك الحبّ الصادق للأرض للإنسان للوطن بعفويتك المعهودة من دون ما تشدّق أو ادّعاء, و في مماتك علّمتنا الحبّ الصامت الموشّى بحرارة الانتماء و المطرّز بالحنين المتبادل بين الإنسان و الأرض, فاخترتَ أن تعيش لحظاتك الأخيرة متنسّّماً عبير الأرض مطيّباً برائحة التراب و الليمون ,و من غير ضجيج انسابت روحك إلى باريها و قد تركت بصمة طيّبة في الأرض و في النفوس , و حملت معها الطيبة و البراءة و الحنين إلى فردوسها المفقود .
رحلت يا أبي و ما رحل الحنين إلى فردوسك ذلك الفردوس الحلم المتوهج في أعماقنا الساكن في قلوبنا ما حيينا.
إلى الجذور و عبق رائحة الأرض
إلى رائحة بحيرة طبرية و كأنها طفلة تمرح بعبث و تحلم بمستقبل مشرق بيرق من عينيها الزرقاوين و يتلألأ في جدائلها الذهبية.
إلى نسائم عليلية ساعة المساء تملأ صدرونا بنكهة القهوة العربية
تتمهاهى مع أنغام المهباش و نحنحة رجل عجوز تفصح عن كبرياء الرجال و أنفة العرب.
إلى عبق الصفصاف و الكينا و الدفلة و العوسج و الحميض
إلى عشبة تحدّت الرمال و أبت إلاّ أن تعانق أشعة الشمس الذهبية في صبح ندي
إلى أولئك الرجال أبناء التراب
و عشق التراب
عاشوا بسطاء و ماتوا بقامات ما انحنت لعدو.
الأصل الطيّب يونّس